vendredi 20 décembre 2013

أبو القاسم الشابي ولد سنة 1909 وتوفي سنة 1934

 
ما أشبه ليلة العرب اليوم ببارحة أبي القاسم: حالة سياسية مشتركة من العجز إزاء العالم وشتات حضاري لم تبلغه الأمة في تاريخها إلا لماما وانقسام الدول إلى طوائف واستقالة النخب حتى من مجرد التفكير.
 أي نفس الأسباب التي أدت إلى نفس النتائج حين احتل هولاكو بغداد عام 1258 واغتال أخر خليفة عباسي هو المستعصم بالله وولديه وخرب المشرق العربي
 وحين ضيعنا الأندلس عام 1492
 وحين فقدنا نصف فلسطين عام 1948
 ثم فقدناها كلها عام 1967،
 وبعد ذلك استضعفنا الغرب المسيحي وبدأ يطبق مشروع الاستخراب (الذي سميناه باسمه المزيف أي الاستعمار) منذ حملة نابليون على مصر والشام عام 1798 إلى توسع الاستخراب الصليبي ليغطي كامل أصقاع الأمة.

 وهنا نشأ الشابي متمردا على هزال الأمة ورضاها بالدون وكتب عما نسميه اليوم صراع الحضارات برؤية شاعر استشرف المصير وشخص الداء بل ووصف الدواء.

 ففي عام 1931 نشر قصيدته الرائعة (الثعبان المقدس)
 في مجلة (أبولو) وقدم لها نثرا كما يلي: فلسفة الثعبان المقدس هي فلسفة القوة المثقفة في كل مكان فالثعبان في قصيدتي تحدث إلى الشحرور بلغة الفلسفة حين حاول أن يزين له الهلاك، كذلك تتحدث سياسة الغرب إلى الشعوب المستضعفة بلغة الشعر والأحلام حينما تصوغ ابتلاعها والعمل على قتل مميزاتها القومية فتسميها سياسة الإدماج".

 هكذا قدم أبو القاسم قصيدته للقراء فهو كأنما يصف حالنا اليوم عام 2013
 إزاء الغزو العسكري والفكري الذي يسلبنا هوياتنا ويدمجنا في دورة الهلاك المبرمج.

 ثم تأتي القصيدة لتنقل لنا حيرة الشحرور المسكين وهو يسأل الثعبان الذي يبتلعه قائلا: أين خطيئتي حتى أستحق الموت بين أنيابك؟ فيجيبه الثعبان:
لا أين فالشرع المقدس هاهنا *** رأي القوي وفكرة الغلاب
وسعادة الضعفاء جرم ماله *** عند القوي سوى أشد عقاب
إن السلام حقيقة مكذوبة *** والعدل فلسفة اللهيب الخابي
لا عدل إلا إن تعادلت القوى *** وتصادم الإرهاب بالإرهاب
وهذه القصيدة قمة الوعي بصراع الحضارات من منظور غلبة الأقوى دون حق، وهي كأنما تكمل رائعة الشاعر (إرادة الحياة) التي لا يعرف الناس منها سوى بيتين:
إذا الشعب يوما أراد الحياة *** فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي *** ولا بد للقيد أن ينكسر
ولكن القصيدة تنقل لك جواب الحياة عندما سألها الشاعر عن المفضل لديها فتقول الأرض:
أبارك في الناس أهل الطموح *** ومن يستلذ ركوب الخطر
وألعن من لا يماشي الزمان *** ويقنع بالعيش بين الحفر
هو الكون حي يحب الحياة *** ويحتقر الميت مهما كبر
فلا الأفق يحضن ميت الطيور *** ولا النحل يلثم ميت الزهر

منقول للفائدة بتصرف

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire