dimanche 12 janvier 2014

بحث عن عقيدة البداء عند الشيعة الإمامية الاثنا عشرية


ملاحظة عندما يكتب الكاتب لفظ شيعة يقصد بها
  الاثناعشرية الامامية
 


الجامعة الإسلامية-غزة
عمادة الدراسات العليا
كلية أصول الدين
قسم العقيدة و المذاهب المعاصرة


بحث عن عقيدة البداء عند الشيعة
الإمامية الاثنا عشرية
مقدم في مرحلة الماجستير ضمن مادة الفرق(1)



عمل الطالب
عبد اللطيف رياض العكلوك



تحت إشراف
الأستاذ المشارك الدكتور
أ.د. محمد حسن بخيت

ذي الحجة 1428 هـ ، ديسمبر 2007م
فهرس الموضوعات



بسم الله الرحمن الرحيم
 
المقدمة

تعريف البداء
أولا :تعريف البداء في اللغة
1- أقوال العلماء في تعريف البداء لغة :
2- خلاصة تعريفات اللغة
ثالثا : البداء في الاصطلاح الشيعة(الاثناعشرية)

موقف الشيعة (الاثناعشرية)من عقيدة البداء
أولا :البداء يكون لله تعالى
ثانيا : البداء يكون لله فيما أطلع عليه عباده ولا يكون في غيره
ثالثا : البداء لا يكون لله
ا- البداء في علم الإنسان
ب – البداء في علم الملك
رابعا: القول الراجح في حقيقة افتراق الشيعة حول عقيدة البداء
خامسا: الأدلة على نسبة الشيعة البداء لله تعالى

سبب قول الشيعة(الاثناعشرية) بالبداء
أولا :ادعاء أئمتهم الغيب
ثانيا : عدم غلبة الشيعة على أعدائهم كما وعدهم أئمتهم
ثالثا : نقل الإمامة بعد جعفر الصادق إلى موسى الكاظم بدلا من إسماعيل

أصل عقيدة البداء
أولا :قيل أصل عقيدة البداء اليهودية
ثانيا :قال الشيعة (الاثناعشرية)أول من قال بالبداء عبد المطلب
ثالثا :قيل أول من قال بالبداء المختار الثقفي
أدلة الشيعة (الاثناعشرية)على عقيدة البداء و الرد عليها
أولا :من القرآن الكريم
ثانيا :من السنة النبوية
ثالثا :ما ورد عن الأنبياء
رابعا: ما ورد عن أئمتهم في الكافي
خامسا: حديث الأعمى و الأقرع و الأبرص
الرد على الاستدلال الشيعة بحديث البخاري

الخاتمة

المصادر و المراجع


تعريف البداء
أولا :تعريف البداء في اللغة
1- أقوال العلماء في تعريف البداء لغة :
ا- قال الجرجاني في كتابه التعريفات البداء لغة : هو ظهور الرأي بعد أن لم يكن ( )
ب - ورد في المنجد أن البداء : من بدا بدوا وبداء وبدوا وداءة أي ظهر وبداله الأمر خطر له فيه رأي ( )
ج - أورد محمد بن أبي بكر الرازي في كتابه مختار الصحاح أن البداء من بدا الأمر أي ظهر وقرئ { الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ } أي في ظاهر الرأي من همزه جعله من بدأ معناه أول الرأي وبدا له الأمر بداء أي نشأ له رأي جديد( )
د - ورد في قاموس محيط المحيط أن بداء الامر يبدو بدوا وبدوا وبداء وبداءة ظهر وبدا له في الامر بدوا وبداء وبداة نشأله فيه رأيه الأول فصرفه عنه ( )
2- خلاصة تعريفات اللغة
إن الناظر في هذه التعريفات يجد أن البداء في اللغة قد ورد بمعنيين هما ظهور الرأي بعد أن لم يكن ونشأة رأي لم يكن من قبل
ولقد وضح ذلك الدكتور محمد بخيت في كتابه الفرق القديمة والمعاصرة في التاريخ الإسلامي من حيث قال : يتضح أن البداء في لغة العرب يطلق على معنيين :
الأول : الظهور بعد الخفاء ومنه قوله تعالى{ وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ } ( ){وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون} ( )
ثانيا : نشأة رأي جديد لم يك موجودا ومنه قوله تعالى{ ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ} ( ) أي نشأ لهم في يوسف رأي جديد ( )
وفي ذلك يقول الشهرستاني في كتابه الملل والنحل والبداء له معان :
البداء في العلم وهو أن يظهر له خلاف ما علم ولا أظن عاقلا يعتقد هذا الاعتقاد , والبداء في الأمر وهو أن يأمر بشيء آخر بعده بخلاف ذلك ( )

وهذان المعنيان أشار لهما صاحب كتاب الوسيط في اللغة بالقول :
البداء : ظهور الرأي بعد أن لم يكن واستصواب شيء علم بعد أن لم يعلم ( )
وبذلك يتبين أن البداء يستعمل بمعنيين كما سبق الذكر وشهدت الأدلة علية

ثالثا : البداء في اصطلاح الشيعة (الاثناعشرية): وهو عقيدة شيعية اثنا عشرية تفيد أن الله يظهر له أمور لم يكن يعلمها أو ينشأ له رأي جديد كان خافيا عنه وهذه العقيدة يلزم منها إثبات الجهل على الله تعالى ـ تعالى الله عن ذلك ـ كما يلزم منها حدوث علم الله تعالى وهذان الأمران لا يجوزان البتة على الله تعالى
يقول الدكتور على أحمد السالوس في كتابه مع الشيعة الاثنى عشرية في الأصول والفروع والبداء بمعنييه يستوجب جهل من يبدوا له الأمر قبل بدائه ولكن الشيعة (الاثناعشرية)ينسبون البداء لله تعالى فهل يعني ذلك أنهم ينسبون عدم العلم لله تعالى- تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا( )
ولقد أثبت الشيعة (الاثناعشرية)هذه العقيدة الفاسدة لله تعالى وينص كبار علمائهم حتى عقد الكليني في كتابة أصول الكافي بابا سماه باب الباء ذكر فيه ستة عشر حديثا عن الأئمة في فضل البداء ( )

موقف الشيعة (الاثناعشرية)من عقيدة البداء:
يقول الإمام أبو الحسن الأشعري في كتابه مقالات الإسلاميين: وافترضت الرافضة (الرافضة للثورة)( ) هل الباري يجوز أن يبدو له إذا أراد شيئا أم لا ؟ على ثلاث مقالات ( )
1- فالفرقة الأولى منهم يقولون : إن الله تبدو له البداوات و إنه يريد أن يفعل الشيء في وقت من الأوقات ثم لا يحدثه لما يحدث له من البداء وإنه إذا أمر بشريعة ثم نسخها فإنما ذلك لأنه بدا له فيها وإن ما علم أنه يكون ولم يطلع عليه أحد من خلقه فجاز عليه البداء فيه وما أطلع عليه عباده فلا يجوز عليه البداء فيه
2- والفرقة الثانية منهم يزعمون أنه جائز على الله البداء فيما علم أنه يكون حتى لا يكون وجوزوا ذلك فيما أطلع عليه عباده وأنه لا يكون كما جوزه فيما لم يطلع عليه عباده
3- الفرقة الثالثة منهم يزعمون أنه لا يجوز على الله عز وجل البداء وينفون ذلك عنه تعالى
أقوال الروافض في نسبة البداء لله تعالى
أولا :البداء يكون لله تعالى
وهم جمهور الشيعة (الاثناعشرية)من المتقدمين ولقد اتفقت الشيعة الإمامية على إطلاق لفظ البداء على الله تعالى وهذا أقربة أحد علمائهم وشيخهم الشيخ المفيد قال " واتفقت الإمامية على إطلاق لفظ البداء في وصف الله تعالى وإن كان ذلك من جهة السمع دون القياس "( ) يقول ابن تيمية في كتابه منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة (الاثناعشرية)والقدرية " وأيضا فكثير من شيوخ الرافضة من يصنف الله تعالى بالنقائص كما تقدم حكاية بعض ذلك فزرارة بن أعين وأمثاله يقولون يجوز البداء عليه وأنه يحكم بالشيء ثم يتبين له مالم يكن علمه فينتقض حكمه لما ظهره له من خطئه فإذا قال مثل هؤلاء بأن الأنبياء والأئمة لا يجوز أن يخفى عليهم عاقبة فعلهم فقد نزهوا البشر عن الخطأ مع تجويزهم الخطأ على الله وكذلك هشام بن الحكم وزارة بن أعين وأمثالهما ممن يقول إنه يعلم ما لم يكن عالما به"( )

ثانيا : البداء يكون لله فيما أطلع عليه عباده ولا يكون في غيره
وهذا ما عبر عنه الأشعري في كتابه مقالات الإسلاميين حين قال والفرقة الثانية يزعمون أنه جائز على الله البداء فيما علم أنه يكون حتى لا يكون وجوزوا ذلك فيما أطلع عليه عباده وأنه لا يكون كما جوزوه فيما لم يطلع عليه عباده ( ) فقول الأشعري "فيما علم انه يكون حتى لا يكون "دل ذلك اعتقادهم وقوع الأمر من غير علم الله ولا تقديره فالأمر يقع من غير الله ويعلم به بعد وقوعه وأنه لم يكن يعلم أن هذا الأمر سيقع - تعالى الله عن ذلك وقوله " جوزوا -البداء - فيما أطلع عليه عباده " يدل على قولهم بأن الله تعالى يظهر له أمر لم يكن من قبل ويستدلون على هذا القول بقصة إبراهيم عليه السلام مع أبنه إسماعيل حين قال إبراهيم عليه السلام " إني أرى في المنام أني أذبحك " ورؤيا الأنبياء حق فلقد بدا لله في إسماعيل شأن آخر غير الذي أطلع عليه إبراهيم من الذبح فقال تعالى{ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ } تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا

ثالثا : البداء لا يكون لله
وهذا ما ذهب إليه المتأخرين من الروافض مخالفين بذلك المتقدمين منهم وبهذا القول يختلفون فيمن يكون البداء إلى رأيين الأول أن البداء يكون في علم الإنسان لا في علم الله والثاني أنه يكون في علم الملك لا في علم الله
ا- البداء في علم الإنسان : يقول في ذلك الرافضي محمد رضا المظفر في كتابه عقائد الإمامية "البداء في الإنسان أن يبدو له رأي في الشيء لم يكن له ذلك الرأي سابقاً، بأن يتبدَّل عزمه في العمل الذي كان يريد أن يصنعه؛ إذ يحدث عنده ما يغيِّر رأيه وعلمه به، فيبدو له تركه بعد أن كان يريد فعله، وذلك عن جهل بالمصالح، وندامة على ما سبق منه.
والبداء بهذا المعنى يستحيل على الله تعالى. لاَنّه من الجهل والنقص، وذلك محال عليه تعالى، ولا تقول به الامامية قال الله تعالى (يَمْحوُا اللهُ ما يَشَآءُ وَيُثبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الكِتَابِ)(1).
ومعنى ذلك: أنّه تعالى قد يُظهر شيئاً على لسان نبيِّه أو وليِّه، أو في ظاهر الحال لمصلحة تقتضي ذلك الاِظهار ثم يمحوه فيكون غير ما قد ظهر أولاً، مع سبق علمه تعالى بذلك، كما في قصة اسماعيل لما رأى ابوه إبراهيم أنّه يذبحه) قال تعالى: ( فَلمّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعيَ قالَ يبنَيَّ إنّي أرَى في المَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرُ مَاذا تَرىَ قال يا أَبَتِ افْعَل مَا تُؤمَرُ سَتَجدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرينَ * فَلَمّا أَسْلَما وَتَلّهُ لِلجبيِن* وَنادَيْناهُ أَنْ يا إبراهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤيا إِنّا كذلِكَ نَجْزِي المُحسِنينَ * إنّ هَذا لَهُوَ البلـوءُ المُبيِنُ * وَفَدَيْنهُ بِذِبْحٍ عَظيمٍ )( ) ( )



ب – البداء في علم الملك
يقول في ذلك الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء أحد علماء الروافض في كتابه أصل الشيعة (الاثناعشرية)وأصولها
البداء عبارة عن إظهار الله جل شأنه أمراً يرسم في ألواح المحو والإثبات ، وربما يطلع عليه بعض الملائكة المقربين ، أو أحد الأنبياء والمرسلين ، فيخبر الملك به النبي والنبي يخبر به أمته ( ثم ) يقع بعد ذلك خلافه ، لأنه جل شأنه محاه وأوجد في الخارج غيره.
وكل ذلك كان جلت عظمته يعلمه حق العلم ، ولكن في علمه المخزون المصون الذي لم يطلع عليه لا ملك مقرب ، ولا نبي مرسل ، ولا ولي ممتحن ، وهذا المقام من العلم هو المعبر عنه في القرآن الكريم بـ ( أم الكتاب ) المشار إليه وإلى المقام الأول بقوله تعالى : (يَمْحوُا اللهُ ما يَشَآءُ وَيُثبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الكِتَابِ)
فالبداء في عالم التكوين كالنسخ في عالم التشريع ، فكما أن لنسخ الحكم وتبديله بحكم آخر مصالح وأسرار بعضها غامض وبعضها ظاهر ، فكذلك في الإخفاء والإبداء في عالم التكوين ، على أن قسماً من البداء يكون من إطلاع النفوس المتصلة بالملأ الأعلى على الشيء وعدم اطلاعها على شرطه أو مانعه ، ( مثلاً ) اطلع عيسى عليه السلام أن العروس يموت ليلة زفافه ولكن لم يطلع على أن ذلك مشروط بعدم صدقة أهله .
فاتفق أن أمه تصدقت عنه ، وكان عيسى عليه السلام أخبر بموته ليلة عرسه فلم يمت ، وسئل عن ذلك فقال : لعلكم تصدقتم عنه ، والصدقة قد تدفع البلاء المبرم . وهكذا نظائرها.
وقد تكون الفائدة الامتحان وتوطين النفس كما في قضية أمر إبراهيم بذبح إسماعيل .
ولولا البداء لم يكن وجه للصدقة ، ولا للدعاء ، ولا للشفاعة ، ولا لبكاء الأنبياء والأولياء وشدة خوفهم وحذرهم من الله ، مع أنهم لم يخالفوه طرفة عين ، إنما خوفهم من ذلك العلم المصون المخزون الذي لم يطلع عليه أحد ، ومنه يكون البداء . ( )

القول الراجح في حقيقة افتراق الشيعة (الاثناعشرية)حول البداء
إن عقيدة البداء عند الشيعة عقيدة ثابتة ظهرت عند المتقدمين منهم وأجمعوا عليها وهي تعني عندهم أن يظهرلله أمر لم يكن يعلمه من قبل و جميع الأدلة المنقولة عن أئمتهم المتقدمين تؤكد ذلك من هذه الأدلة
1 - أورد الكليني عن مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحَجَّالِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ثَعْلَبَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَعْيَنَ عَنْ أَحَدِهِمَا قَالَ مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْ‏ءٍ مِثْلِ الْبَدَاءِ
وَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) مَا عُظِّمَ اللَّهُ بِمِثْلِ الْبَدَاءِ ( )
فالرافضة جعلوا أفضل تعظيم وعبادة الله نسبة البداء إليه.

2 - أورد الكليني عن عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ سَمَاعَةَ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ وَ وُهَيْبِ بْنِ حَفْصٍ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَ إِنَّ لِلَّهِ عِلْمَيْنِ عِلْمٌ مَكْنُونٌ مَخْزُونٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا هُوَ مِنْ ذَلِكَ يَكُونُ الْبَدَاءُ وَ عِلْمٌ عَلَّمَهُ مَلَائِكَتَهُ وَ رُسُلَهُ وَ أَنْبِيَاءَهُ فَنَحْنُ نَعْلَمُهُ ( )
الرافضة يجعلون البداء في علم الله المكنون المحفوظ الذي لم يطلع عليه أحد وهذا يبطل زعم المتأخرين منهم بأن البداء يكون في حق الملك أو الإنسان لا في حق الله كما يبطل زعم من يقول أن البداء يكون فيما أعلمه الله تعالى وملائكته ورسله

3- أورد الكليني عن عَلِيٌّ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ لَوْ عَلِمَ النَّاسُ مَا فِي الْقَوْلِ بِالْبَدَاءِ مِنَ الْأَجْرِ مَا فَتَرُوا عَنِ الْكَلَامِ فِيهِ( )
لو كان البداء المقصود في حق الإنسان أو الملك لما احتاج ذلك الأجر العظيم ولما استبعده الناس وأعرضوا عنه كما يستفاد من دلالة ما أورده حتى يشجعهم على القول به ويرغبهم فيه

4- أورد الكليني عن عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو الْكُوفِيِّ أَخِي يَحْيَى عَنْ مُرَازِمِ بْنِ حَكِيمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ مَا تَنَبَّأَ نَبِيٌّ قَطُّ حَتَّى يُقِرَّ لِلَّهِ بِخَمْسِ خِصَالٍ بِالْبَدَاءِ وَ الْمَشِيئَةِ وَ السُّجُودِ وَ الْعُبُودِيَّةِ وَ الطَّاعَةِ . و عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ الرَّيَّانِ بْنِ الصَّلْتِ قَالَ سَمِعْتُ الرِّضَا يَقُولُ مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيّاً قَطُّ إِلَّا بِتَحْرِيمِ الْخَمْرِ وَ أَنْ يُقِرَّ لِلَّهِ بِالْبَدَاءِ ( )
إن هاذان النصان يدلان دلالة واضحة على أن الرافضة نسبت البداء لله تعالى حيث أورد القول أن يقر لله بالبداء ولم تقل النصوص أن يقر للإنسان بالبداء ولا للملك كما لم تقل أن يقر لله بالبداء عند الإنسان او عند الملك فدل ذلك على نسبتهم البداء على الله تعالى

5- أورد الكليني عن الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ سُئِلَ الْعَالِمُ كَيْفَ عِلْمُ اللَّهِ قَالَ عَلِمَ وَ شَاءَ وَ أَرَادَ وَ قَدَّرَ وَ قَضَى وَ أَمْضَى فَأَمْضَى مَا قَضَى وَ قَضَى مَا قَدَّرَ وَ قَدَّرَ مَا أَرَادَ فَبِعِلْمِهِ كَانَتِ الْمَشِيئَةُ وَ بِمَشِيئَتِهِ كَانَتِ الْإِرَادَةُ وَ بِإِرَادَتِهِ كَانَ التَّقْدِيرُ وَ بِتَقْدِيرِهِ كَانَ الْقَضَاءُ وَ بِقَضَائِهِ كَانَ الْإِمْضَاءُ وَ الْعِلْمُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْمَشِيئَةِ وَ الْمَشِيئَةُ ثَانِيَةٌ وَ الْإِرَادَةُ ثَالِثَةٌ وَ التَّقْدِيرُ وَاقِعٌ عَلَى الْقَضَاءِ بِالْإِمْضَاءِ فَلِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْبَدَاءُ فِيمَا عَلِمَ مَتَى شَاءَ وَ فِيمَا أَرَادَ لِتَقْدِيرِ الْأَشْيَاءِ فَإِذَا وَقَعَ الْقَضَاءُ بِالْإِمْضَاءِ فَلَا بَدَاءَ فَالْعِلْمُ فِي الْمَعْلُومِ قَبْلَ كَوْنِهِ وَ الْمَشِيئَةُ فِي الْمُنْشَإِ قَبْلَ عَيْنِهِ وَ الْإِرَادَةُ فِي الْمُرَادِ قَبْلَ قِيَامِهِ وَ التَّقْدِيرُ لِهَذِهِ الْمَعْلُومَاتِ قَبْلَ تَفْصِيلِهَا وَ تَوْصِيلِهَا عِيَاناً وَ وَقْتاً وَ الْقَضَاءُ بِالْإِمْضَاءِ هُوَ الْمُبْرَمُ مِنَ الْمَفْعُولَاتِ ذَوَاتِ الْأَجْسَامِ الْمُدْرَكَاتِ بِالْحَوَاسِّ مِنْ ذَوِي لَوْنٍ وَ رِيحٍ وَ وَزْنٍ وَ كَيْلٍ وَ مَا دَبَّ وَ دَرَجَ مِنْ إِنْسٍ وَ جِنٍّ وَ طَيْرٍ وَ سِبَاعٍ وَ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ فَلِلَّهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى فِيهِ الْبَدَاءُ مِمَّا لَا عَيْنَ لَهُ فَإِذَا وَقَعَ الْعَيْنُ الْمَفْهُومُ الْمُدْرَكُ فَلَا بَدَاءَ وَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ فَبِالْعِلْمِ عَلِمَ الْأَشْيَاءَ قَبْلَ كَوْنِهَا وَ بِالْمَشِيئَةِ عَرَّفَ صِفَاتِهَا وَ حُدُودَهَا وَ أَنْشَأَهَا قَبْلَ إِظْهَارِهَا وَ بِالْإِرَادَةِ مَيَّزَ أَنْفُسَهَا فِي أَلْوَانِهَا وَ صِفَاتِهَا وَ بِالتَّقْدِيرِ قَدَّرَ أَقْوَاتَهَا وَ عَرَّفَ أَوَّلَهَا وَ آخِرَهَا وَ بِالْقَضَاءِ أَبَانَ لِلنَّاسِ أَمَاكِنَهَا وَ دَلَّهُمْ عَلَيْهَا وَ بِالْإِمْضَاءِ شَرَحَ عِلَلَهَا وَ أَبَانَ أَمْرَهَا وَ ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ . ( )
أن قولهم " فلله تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء " دلاله واضحة على أن الرافضة ينسبون البداء لله لا للملك ولا للإنسان فالبداء عندهم يكون في علم الله أي أن الله يظهر له علم جديد خلاف ما كان يعلم وهذا يعني أنهم ينسبون الجهل لله تعالى ويدعون أن علم الله حادث تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا
6- أورد الكليني عن مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْمُؤْمِنِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَمَّارٍ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ وَ نَاسٌ يَسْأَلُونَهُ يَقُولُونَ الْأَرْزَاقُ تُقَسَّمُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ قَالَ فَقَالَ لَا وَ اللَّهِ مَا ذَاكَ إِلَّا فِي لَيْلَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ وَ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ وَ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ فَإِنَّ فِي لَيْلَةِ تِسْعَ عَشْرَةَ يَلْتَقِي الْجَمْعَانِ وَ فِي لَيْلَةِ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ وَ فِي لَيْلَةِ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ يُمْضَى مَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ مِنْ ذَلِكَ وَ هِيَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ الَّتِي قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ قَالَ قُلْتُ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ يَلْتَقِي الْجَمْعَانِ قَالَ يَجْمَعُ اللَّهُ فِيهَا مَا أَرَادَ مِنْ تَقْدِيمِهِ وَ تَأْخِيرِهِ وَ إِرَادَتِهِ وَ قَضَائِهِ قَالَ قُلْتُ فَمَا مَعْنَى يُمْضِيهِ فِي ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ قَالَ إِنَّهُ يَفْرُقُهُ فِي لَيْلَةِ إِحْدَى وَ عِشْرِينَ وَ يَكُونُ لَهُ فِيهِ الْبَدَاءُ فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ ثَلَاثٍ وَ عِشْرِينَ أَمْضَاهُ فَيَكُونُ مِنَ الْمَحْتُومِ الَّذِي لَا يَبْدُو لَهُ فِيهِ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى . ( )
إن قولهم " يكون له فيه البداء" دليل على أن الرافضة ينسبون البداء لله تعالى حيث لم يقل النص يكون منه البداء أو يكون عنه البداء بل قال يكون له فيه البداء أي يكون لله في تلك الأمور

7- أورد الكليني عن مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ وَ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ جَمِيعاً عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ زُرَارَةَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ النُّطْفَةَ الَّتِي مِمَّا أَخَذَ عَلَيْهَا الْمِيثَاقَ فِي صُلْبِ آدَمَ أَوْ مَا يَبْدُو لَهُ فِيهِ وَ يَجْعَلَهَا فِي الرَّحِمِ حَرَّكَ الرَّجُلَ لِلْجِمَاعِ وَ أَوْحَى إِلَى الرَّحِمِ أَنِ افْتَحِي بَابَكِ حَتَّى يَلِجَ فِيكِ
خَلْقِي وَ قَضَائِيَ النَّافِذُ وَ قَدَرِي فَتَفْتَحُ الرَّحِمُ بَابَهَا فَتَصِلُ النُّطْفَةُ إِلَى الرَّحِمِ فَتَرَدَّدُ فِيهِ أَرْبَعِينَ يَوْماً ثُمَّ تَصِيرُ عَلَقَةً أَرْبَعِينَ يَوْماً ثُمَّ تَصِيرُ مُضْغَةً أَرْبَعِينَ يَوْماً ثُمَّ تَصِيرُ لَحْماً تَجْرِي فِيهِ عُرُوقٌ مُشْتَبِكَةٌ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكَيْنِ خَلَّاقَيْنِ يَخْلُقَانِ فِي الْأَرْحَامِ مَا يَشَاءُ اللَّهُ فَيَقْتَحِمَانِ فِي بَطْنِ الْمَرْأَةِ مِنْ فَمِ الْمَرْأَةِ فَيَصِلَانِ إِلَى الرَّحِمِ وَ فِيهَا الرُّوحُ الْقَدِيمَةُ الْمَنْقُولَةُ فِي أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَ أَرْحَامِ النِّسَاءِ فَيَنْفُخَانِ فِيهَا رُوحَ الْحَيَاةِ وَ الْبَقَاءِ وَ يَشُقَّانِ لَهُ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ جَمِيعَ الْجَوَارِحِ وَ جَمِيعَ مَا فِي الْبَطْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ ثُمَّ يُوحِي اللَّهُ إِلَى الْمَلَكَيْنِ اكْتُبَا عَلَيْهِ قَضَائِي وَ قَدَرِي وَ نَافِذَ أَمْرِي وَ اشْتَرِطَا لِيَ الْبَدَاءَ فِيمَا تَكْتُبَانِ فَيَقُولَانِ يَا رَبِّ مَا نَكْتُبُ فَيُوحِي اللَّهُ إِلَيْهِمَا أَنِ ارْفَعَا رَءُوسَكُمَا إِلَى رَأْسِ أُمِّهِ فَيَرْفَعَانِ رُءُوسَهُمَا فَإِذَا اللَّوْحُ يَقْرَعُ جَبْهَةَ أُمِّهِ فَيَنْظُرَانِ فِيهِ فَيَجِدَانِ فِي اللَّوْحِ صُورَتَهُ وَ زِينَتَهُ وَ أَجَلَهُ وَ مِيثَاقَهُ شَقِيّاً أَوْ سَعِيداً وَ جَمِيعَ شَأْنِهِ قَالَ فَيُمْلِي أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَيَكْتُبَانِ جَمِيعَ مَا فِي اللَّوْحِ وَ يَشْتَرِطَانِ الْبَدَاءَ فِيمَا يَكْتُبَانِ ( )
إن قولهم عن الله زعما " اشترطا لي البداء " دليل واضح على نسبتهم البداء لله تعالى أن النص يقول " لي " أي الله ولم يقل للملك ولا للأنبياء ولا للناس
من خلال ما تقدم من الأدلة تجد أن الأصل في عقيدة الشيعة نسبة البداء إلى الله تعالى و هذا ما حاول بعض المتأخرين منهم نفيه و تحريفه بجعل البداء في حق الإنسان أو الملك لا في حق الله تعالى

سبب قول الشيعة (الاثناعشرية)بالبداء :
1- إنّ من عقيدة الشيعة أن أئمتهم يعلمون الغيب، ويعلمون ما كان وما سيكون، وأنهم لا يخفى عليهم شيء! فإذا أخبر أئمتهم بأمر مستقبل وجاء الأمر على خلاف ما قالوا، فإما أن يكذبوا بالأمر وهذا محال لوقوعه بين الناس، وإما أن يكذبوا أئمتهم وينسبوا الخطأ إليهم، وهذا ينسف عقيدتهم التي أصلوها فيهم من علمهم للغيب. فكان أن أحدثوا عقيدة البداء. فإذا وقع الأمر على خلاف ما قاله الإمام قالوا:بد لله كذا، أي أن الله قد غير أمره.
ولكن الشيعة الإمامية وقعت في شر أعمالها، فهي أرادت أن تنزه إمامها عن الخلف في الوعد وعن الكذب في الحديث، فاتهمت ربها من حيث تشعر أو لا تشعر بالجهل! فقد جاء في البحار عن أبي حمزة الثمالي قال: قال أبو جعفر وأبو عبد الله عليهما السلام:"يا أبا حمزة إن حدثناك عن بأمر أنه يجيء من هاهنا فجاء من هاهنا، فإن الله يصنع ما يشاء، وإن حدثناك اليوم بحديث وحدثناك غداً بخلافه فإن الله يمحو ما يشاء ويثبت( )
2- لقد كان بعض شيوخ الشيعة الإمامية يمنّون شيعتهم بأن الأمر سيعود إليهم والغلبة ستكون لهم ولدولتهم بعد سبعين سنة، ولما انقضت تلك المدة ولما يتحقق من ذلك شيء، لجاءوا إلى البداء وقالوا قد بدا لله سبحانه ولمّا رأت الشيعة الإمامية ممثلة في مشايخها أن هذه العقيدة قد تجلب الشناعة على مذهبهم، نسجوا روايات أخرى تحدث أن البداء قد منع الأئمة من التحديث بما سيكون من الأمور المستقبلة. فهاهم يزعمون أن علي بن الحسين يقول:"لولا البداء لحدثتكم بما يكون إلى يوم القيامة" إذا المانع للأئمة من التحديث بأخبار الغيب هو خوفهم من أن يبدوا لله أمراً آخر بخلاف ما حدثوا به! وهذا كله مهرب من التحديث بأمر لا يعلمه إلا الله، وهو علم الغيب الذي أخبر الله في مواضع كثيرة من كتابه أن الغيب لا يعلمه إلا هو( )

3- لما توفي إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق، في حياة أبيه، وقد كان أبوه عينه على أنه الإمام من بعده، نسبوا إلى أبي جعفر أنه قال: «ما بدا لله في شيء كما بدا له في ابني إسماعيل... إذ اخترمه قبلي، ليعلم أنه ليس بإمام بعدي» .
لكن من الشيعة من لم يقبل هذا التعليل، ولم تنطل عليه الحيلة، ولم يقبل أن يتغير الإمام، فانشقوا عن أصحابهم، وتوقفوا على إسماعيل، وزعموا أنه المهدي...
ولم تكن هذه المرة الأخيرة التي يخطئ فيها خبر المعصوم، ويعين الإمام ابنه المنصوص عليه بزعمهم من الله عز وجل، ثم يموت الولد المعين، قبل موت أبيه الإمام( )

أصل عقيدة البداء
هناك عدة روايات في أصل عقيدة البداء هي:
1- يقول الإمام ابن حزم في كتابه الفصل" البداء عقيدة يهودية ففي توراتهم البداء الذي هو أشد من النسخ وذلك أن فيها أن الله تعالى قال لموسى عليه السلام سأهلك هذه الأمة وأقدمك على أمة أخرى عظيمة فلم يزل موسى يرغب إلى الله تعالى في أن لا يفعل ذلك حتى أجابه وأمسك عنهم وهذا هو البداء بعينه والكذب المنفيان عن الله تعالى لأنه ذكر أن الله تعالى أخبر أنه سيهلكهم ويقدمه على غيره ثم لم يفعل فهذا هو الكذب بعينه تعالى الله عنه"( ) ومما يدل على ذلك ما ورد في التوراة حيث قالت اليهود:"وكان كلام الرب إلى صموئيل: قائلا ندمت أني قد جعلت شادا ملك لأنه رجع من ورائي ولم يقم كلامي ندمت!! الله يقول ندمت".(سفر صموئيل الأول ص15). وقالت اليهود:"فحزن الرب أنه عمل الإنسان في الأرض وتأسف في قلبه فقال الرب أمحو عن وجه الأرض الإنسان الذي خلقته – الإنسان مع بهائم ودبابات وطيور السماء لأني حزنت أني عملتهم".(سفر التكوين ص 6)( )
2- ادعى الشيعة أن أول من قال بالبداء هو عبد المطلب جد النبي محمد صلى الله عليه و سلم حيث أورد الكليني في كتابه الكافي القول عن عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَصَمِّ عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ وَاقِدٍ عَنْ مُقَرِّنٍ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) قَالَ إِنَّ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ أَوَّلُ مَنْ قَالَ بِالْبَدَاءِ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ عَلَيْهِ بَهَاءُ الْمُلُوكِ وَ سِيمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ . ( ) وروى أيضا قال :عن بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنِ ابْنِ جُمْهُورٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ مَحْبُوبٍ عَنِ ابْنِ رِئَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَانٍ عَنِ الْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ جَمِيعاً عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ( عليه السلام ) قَالَ يُبْعَثُ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أُمَّةً وَحْدَهُ عَلَيْهِ بَهَاءُ الْمُلُوكِ وَ سِيمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ وَ ذَلِكَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ قَالَ بِالْبَدَاءِ قَالَ وَ كَانَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ أَرْسَلَ رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) إِلَى رُعَاتِهِ فِي إِبِلٍ قَدْ نَدَّتْ لَهُ فَجَمَعَهَا فَأَبْطَأَ عَلَيْهِ فَأَخَذَ بِحَلْقَةِ بَابِ الْكَعْبَةِ وَ جَعَلَ يَقُولُ يَا رَبِّ أَ تُهْلِكُ آلَكَ إِنْ تَفْعَلْ فَأَمْرٌ مَا بَدَا لَكَ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) بِالْإِبِلِ وَ قَدْ وَجَّهَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ فِي كُلِّ طَرِيقٍ وَ فِي كُلِّ شِعْبٍ فِي طَلَبِهِ وَ جَعَلَ يَصِيحُ يَا رَبِّ أَ تُهْلِكُ آلَكَ إِنْ تَفْعَلْ فَأَمْرٌ مَا بَدَا لَكَ وَ لَمَّا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ ( صلى الله عليه وآله ) أَخَذَهُ فَقَبَّلَهُ وَ قَالَ يَا بُنَيَّ لَا وَجَّهْتُكَ بَعْدَ هَذَا فِي شَيْ‏ءٍ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ تُغْتَالَ فَتُقْتَلَ . ( )
3- ذكر الدكتور علي السالوس في كتابه مع الشيعة الاثنا عشرية في الأصول و الفروع بداية نشأة عقيدة البداء فقال :"أول من نادى به –البداء-المختار الثقفي لأنه كان يدعي علم الغيب فإذا حدثت حادثة على خلاف ما أخبر قال : قد بدا لربكم وروي أن أبا الخطاب محمد بن أبي زينب الأسدي الأجدع عندما حارب والي الكوفة عيسى بن موسى بن محمد بن عبد الله بن العباس جعل القصب مكان الرماح واستخدم الحجارة و السكاكين و قال لقومه قاتلوهم فإن قصبكم يعمل فيهم عمل الرماح و السيوف و رماحهم و سيوفهم و سلاحهم لا تضركم و لا تخل فيكم فقدمهم عشرة عشرة للمحاربة فلما قتل منهم نحو ثلاثين رجلا قالوا له :ما ترى يحل بنا من القوم و ما نرى قصبنا يعمل فيهم و لا يؤثر و قد عمل سلاحهم فينا و قتل من ترى منا فقال لهم :إن كان قد بدا لله فيكم فما ذنبي ؟ ( )








أدلة الشيعة (الاثناعشرية)على عقيدة البداء
1- استدلوا بقوله تعالى (يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)( ) على معنى أنه يظهر له المحو و الإثبات( ) ويلحظ أن أول من استدل بهذه الآية على فرية البداء هو المختار بن أبي عبيد، وتابعه شيوخ الشيعة، ووضعوا روايات في ذلك أسندوها لبعض علماء آل البيت لتحظى بالقبول واستدلالهم بهذه الآية على أن المحو والإثبات بداء شطط في الاستدلال، وتعسف بالغ، ذلك أن المحو بعلمه وقدرته وإرادته، من غير أن يكون له بداء في شيء، وكيف يتوهم له البداء وعنده أم الكتاب، وله في الأزل العلم المحيط: وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين( )، ..عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ( )وأمثالها من الآيات، وتوهم البداء لله تكذيب لكل هذه الآيات، وقد بين الله تعالى في آخر الآية أن كل ما يكون منه من محو وإثبات وتغيير، واقع بمشيئته ومسطور عنده في أم الكتاب( ) إن هذا الاستدلال ظاهر البطلان لأن علم الله تعالى من لوازم ذاته المخصوصة وما كان كذلك كان دخول التغيير و التبديل فيه محالا أما المحو و التغيير الوارد في الآية فهو في غير ما سبق به علمه وكنبه قلمه فإن هذا لا يقع فيه تبديل ولا تغيير لأن ذلك محال على الله أن يقع في علمه نقص أو خلل فالتغيير و التبديل يقع في الفروع و الشعب كأعمال اليوم و الليلة التي تكتبها الملائكة و يجعل الله لثبوتها أسباب كمحو السيئات بالحسنات (إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ)( ) ومحو كفر التائبين و معاصيهم بالتوبة و إثبات إيمانهم و طاعتهم ولا يلزم من ذلك الظهور بعد الخفاء بل يفعل الله هذا مع علمه به قبل كونه( )
2- قالوا إن نبي الله لوطا عليه السلام كان يخاف من البداء لله إلى حد أنه طالب ملائكة العذاب أن يعجلوا بقومه العذاب كي لا تتغير إرادة الله فيهم بسبب من الأسباب التي خفيت عليه و تظهر فيما بعد و هذا ينقلوه عن محمد الباقر بعد ذكر رسل الله الذين أرسلوا إلى قوم لوط " وَ قَالَ لَهُمْ لُوطٌ يَا رُسُلَ رَبِّي فَمَا أَمَرَكُمْ رَبِّي فِيهِمْ قَالُوا أَمَرَنَا أَنْ نَأْخُذَهُمْ بِالسَّحَرِ قَالَ فَلِي إِلَيْكُمْ حَاجَةٌ قَالُوا وَ مَا حَاجَتُكَ قَالَ تَأْخُذُونَهُمُ السَّاعَةَ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَبْدُوَ لِرَبِّي فِيهِمْ فَقَالُوا يَا لُوطُ (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)( ) " ( ) ( )
3- أورد الكليني في كتابه الكافي بابا كاملا بعنوان البداء كتب فيه ستة عشر حديثا منسوبا إلى من يسمونهم بالأئمة ذكرت بعضا منها في حقيقة افتراق الشيعة حول البداء
4- يزعم الشيعة أن البداء هو النسخ الموجود في القرآن الذي لا أحد ينكره و لذلك يتعجبون ممن ينكر عليهم عقيدة البداء و في هذا يقول محمد رضا المظفر في كتابه عقائد الإمامية وهو من علماء الشيعة " وقريب من البداء في هذا المعنى نسخ أحكام الشرائع السابقة بشريعة نبيِّنا صلّى الله عليه وآله، بل نسخ بعض الأحكام التي جاء بها نبينا صلّى الله عليه وآله"( ) كما أكد ذلك محمد الحسن آل كاشف الغطاء في كتابه أصل الشيعة و أصولها وهو من علماء الشيعة(الاثناعشرية) أيضا فقال " فالبداء في عالم التكوين كالنسخ في عالم التشريع ، فكما أن لنسخ الحكم وتبديله بحكم آخر مصالح وأسرار بعضها غامض وبعضها ظاهر ، فكذلك في الإخفاء والإبداء في عالم التكوين ، على أن قسماً من البداء يكون من إطلاع النفوس المتصلة بالملأ الأعلى على الشيء وعدم اطلاعها على شرطه أو مانعه ، ( مثلاً ) اطلع عيسى عليه السلام أن العروس يموت ليلة زفافه ولكن لم يطلع على أن ذلك مشروط بعدم صدقة أهله"( ) وليس الأمر كذلك، فالنسخ ليس هو ظهور أمر جديد لله تعالى، بل الله عالم بالأمر المنسوخ والأمر الناسخ، ولكن الله يأمر بأمر في وقت من الأوقات يناسب الحال وقت ذاك، ثم ينسخه بأمر معلوم عنده أزلاً.وأمّا البداء فهو أن الله يظهر له أمر جديد لم يكن يعلمه في السابق، وبين النسخ والبداء من الفرق كما بين السماء والأرض. وقد نقض علماء أهل
السنة الشيعة لعدم التفريق بين النسخ والبداء وقاموا بالرد على أوهام الرافضة واليهود في عدم التفريق بينهما( )

5- مما استدل به الشيعة على عقيدة البداء ما جاء في صحيح البخاري في حديث الثلاثة من بني إسرائيل الأبرص والأعمى و الأقرع عن أبي هريرة رضي الله عنه حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:" إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى بدا لله عز وجل أن يبتليهم فبعث إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال أي شيء أحب إليك قال لون حسن وجلد حسن قد قذرني الناس قال فمسحه فذهب عنه فأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا فقال أي المال أحب إليك قال الإبل أو قال البقر هو شك في ذلك إن الأبرص والأقرع قال أحدهما الإبل وقال الآخر البقر فأعطي ناقة عشراء فقال يبارك لك فيها وأتى الأقرع فقال أي شيء أحب إليك قال شعر حسن ويذهب عني هذا قد قذرني الناس قال فمسحه فذهب وأعطي شعرا حسنا قال فأي المال أحب إليك قال البقر قال فأعطاه بقرة حاملا وقال يبارك لك فيها وأتى الأعمى فقال أي شيء أحب إليك قال يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس قال فمسحه فرد الله إليه بصره قال فأي المال أحب إليك قال الغنم فأعطاه شاة والدا فأنتج هذان وولد هذا فكان لهذا واد من إبل ولهذا واد من بقر ولهذا واد من غنم ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال رجل مسكين تقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا أتبلغ عليه في سفري فقال له إن الحقوق كثيرة فقال له كأني أعرفك ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيرا فأعطاك الله فقال لقد ورثت لكابر عن كابر فقال إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت وأتى الأقرع في صورته وهيئته فقال له مثل ما قال لهذا فرد عليه مثل ما رد عليه هذا فقال إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت وأتى الأعمى في صورته فقال رجل مسكين وابن سبيل وتقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري فقال قد كنت أعمى فرد الله بصري وفقيرا فقد أغناني فخذ ما شئت فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله فقال أمسك مالك فإنما ابتليتم فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك"( )

الرد على هذا الاستدلال

لقد ذكر العلماء أقوالا بخصوص هذه اللفظة هي: ( )
الرد الأول
معنى لفظ " بدا لله " أي سبق في علمه .
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري : بتخفيف الدال المهمله بغير همز أي سبق في علم الله فأراد إظهاره , وليس المراد أنه ظهر له بعد أن كان خافيا لأن ذلك محال في حق الله تعالى .
الرد الثاني
أن لفظة " بدا لله " من تصريف بعض الرواة لانها جاءت في رواية مسلم " أراد الله أن يبتليهم "
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري : وقد أخرجه مسلم عن شيبان بن فروخ عن همام بهذا الإسناد بلفظ " أراد الله أن يبتليهم " فلعل التغيير فيه من الرواة .
الرد الثالث
أن معنى لفظ " بدا لله " أي " قضى الله "
قال ابن الأثير في " النهاية "عند مادة " بدا " وفي حديث الأقرع والأبرص و الأعمى " بدا لله عز وجل أن يبتليهم " أي قضى بذلك وهو معنى البداء ها هنا لان القضاء سابق والبداء استصوب شيء علم بعد أن لم يعلم وذلك على الله عز وجل غير جائز .
وقد مال الحافظ ابن حجر العسقلاني إلى هذا الرأي فقال في فتح الباري : وأولى ما يحمل عليه أن المراد قضى الله أن يبتليهم وأما البدء الذي يراد به تغير الأمر عما كان عليه فلا .
الرد الرابع
أن ضبط الكلمة بالهمز " بدأ لله "
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري وقال صاحب " المطالع " ضبطناه على متقني شيوخنا بالهمز أي ابتدأ الله أن يبتليهم قال : ورواه كثير من الشيوخ بغير همز وهو خطا انتهى , وسبق إلى التخطئة أيضا الخطابي .


الخاتمة
من خلال ما سبق عرضه تجد أن عقيدة البداء عند (الشيعة)
الاثناعشرية الامامية  تفيد أن الله تظهر له أمور لم يكن يعلمها أو ينشأ له رأي جديد في أمر ما لم يكن يعلم هذا الأمر من قبل و هذا ما دلت عليه كتب المتقدمين منهم أما المتأخرين فقد حاولوا نفي هذه العقيدة تارة و تحريفه تارة أخرى وذلك تقية منهم بسبب غياب الأئمة و عدم الحاجة إلى هذا المعتقد في الوقت الحاضر و لما سببه هذا المعتقد من حرج لهم حيث أن نسبته إلى الله تعالى تستلزم أمرين الأول نسبة الجهل إلى الله تعالى و الثاني حدوث علم الله تعالى و الجهل و حدوث العلم من النقص و النقص محال على الله تعالى – تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا



منقول للفائدة

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire