أدلة وبراهين
علماء الزيدية في نفي رؤية الله .. أقوى وأقرب للعقل ..
أولاً ـ حيث أن أدلة واستشهادات الذين يثبتون الرؤية أضعف فهم يستشهدون:
1ـ بقول الله ( وجوه يوم إذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة ) ، فالنظر في هذه الاية بمعنى الانتظار ولا تفيد الرؤية كقوله تعالى «و إني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون» أي منتظرة ، وكذلك قوله تعالى (قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون. قال فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم) أي من المنتظرين ، وقوله تعالى (ما ينظرون إلى صيحة واحدة) أي ما ينتظرون إلا صيحة ، وقوله تعالى (يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم ) أي انتظرونا ، وقد قال الإمام علي عليه السلام باب مدينة علم رسول الله(ص) في هذا ((أي ينتظرون ما يأتيهم من نعمه وإحسانه)) .
==================================2ـ وكذلك يستشهدون بقوله تعالى (فبصرك اليوم حديد) وهذه الآية لا تثبت الظر لله سبحانه وتعالى ، فقد قال سبحانه ( لا تدركهالأبصار) أي مطلق الأبصار حتى لو كانت من الحديد أو النحاس أو حتى الفولاذ أوغيره من المعادن فما دامتأبصارًفلا تدركه ، وهي آية واضحة وصريحة .
ومعنى الآية (فبصرك اليوم حديد) أن الكافر يتيقن اليقين الأكيد مما يراه من الآيات التي كان يكذب بها وكأن الغشاوة قد زالت عن عينية وأصبح يرى ما كذب به ببصر من حديد ..
كما
أن الآية لا تعني أن البصر يصبح من الحديد أو أنه يرى ربه ببصر من حديد ،
ففيها كناية مثل الكثير من الآيات كقوله تعالى (واخفض لهما جناح الذل من
الرحمة) ليس معناها أن للإنسان جناحين من الذل أو الرحمة وإنما تعني البر
والإحسان والطاعة للوالدين ، وقوله تعالى يصف القرآن (لا يأتيه الباطل من
بين يديه ولا من خلفه) فليس معناها أن للقرآن يدين وخلف ، وغيرها الكثير من
الآيات التي فيها تشبيه واستعارة وكناية ومجاز ..الخ .
فلو كان البصر يوم القيامة فعلاً من الحديد لتعذر الرؤية به وليس العكس!!
====================================
3ـ ويستدلون بآيات لا تفيد الرؤية ولا تصرح بها ويتأولونها بغير تأويلها كما فسروا اللقاء في قوله تعالى (تحيتهم يوم يلقونه سلام) فكلمة يلقونه هنا مبني للمجهول وكيف يتأولون ما بني
للمجهول ؟؟ فقيل يلقون الثواب وقيل يلقون الملائكة كما في قوله (والملائكة
يدخلون عليهم من كل باب سلام)وقيل غير ذلك ، وقوله (فمن كان يرجو لقاء ربه) ، وكذلك (يا أيه الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه) ففسروها بانه لقاء وجهاً لوجه .
والصحيح أن عموم كلمة اللقاء في الآيات لا تفيد الرؤية ، كما أنها لا تعني أنه يلقاه في موعد ما على قهوة .. (وسبحان ربك رب العزة عما يصفون) .
وإنما الآيات فيها مجاز اللقاء كما في قوله ((ولقد كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه)) أي تلقوا الموت ، فالموت ليس
مجسم في جسم حتى نلقاه وإنما كناية عن إحتضار الموت، وقولنا إذا مات أحدهم
(لقي حتفه أو لقي ربه أو ذهب إلى ربه) وهذا من المجاز وليس حقيقة اللقاء .
وغير ذلك مما ذهبت إليه تفسيراتهم وتأويلاتهم التي هي في غير مكانها لإثبات التجسيم والرؤية حتى ولو لم تكن مدلولات الآيات تدل على ذلك . ====================================
*ـ
هذا من ناحية القرآن .. أما من حيث الحديث فقد أوردو في صحيح البخاري ج 1 ،
باب فضل السجود من كتاب الصلاة ، وج 4 باب الصراط من كتاب الرقاق ، وصحيح
مسلم ج1 ، باب إثبات رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة ، ومسند أحمد ج2 ص 275 ،
وفي هذا نموذجين من تلك الأخبار :
1ـ عن أبي هريرة : إن جماعة سألوا رسول الله (ص) : هل نرى ربنا يوم القيامة ؟
قال (ص) : نعم ، هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب … إلى آخرها .
وقد فتح مسلم بابا في صحيحه كما مر ونقل أخبار عن أبي هريرة وزيد بن أسلم وسويد بن سعيد وغيرهم في رؤية الله تبارك وتعالى .
وإذا
أردنا تتبع مصدر تلك الأخبار وغيرها من كتب السنة أنفسهم .. فنجد أنها
منقولة عن كعب الأحبار الذي قال له عمر بن الخطاب (لتتركن الأحاديث أو
لألحقنك بأرض القردة) ، وقد روى عنه أبو هرير كما نجد ذلك في مقارنة
ترجمتهما مثل (تهذيب التهذيب) و (تهذيب الكمال) وقد منعه أيضاً عمر بن
الخطاب عن قول الحديث ، فقال السائب بن يزيد أنه سمع عمر بن الخطاب يقول
لأبي هريرة (لتتركن الحديث أو لألحقنك بأرض دوس) وذلك لأجل الإسرائيليات ،
ويؤكد ذلك ماجاء عن بسر بن سعيد وهو من كبار التابعين ومن تلاميذ أبي هريرة ومن رجال كتب الحديث الستة
أنه قال (اتقوا الله وتحفظوا من الحديث .. والله لقد رأينا نجالس أبي
هريرة فيحدّث عن رسول الله (ص) ويحدثنا عن كعب ثم يقوم ، فأسمع بعض من كان
معنا يجعل حديث رسول الله عن كعب وحديث كعب عن رسول الله (ص)) رواه مسلم في كتاب التمييز (1/175) .
فهذا يثبت دخول الإسرائيليات على السنة النبوية كما دخل غيرها من الأحاديث الموضوعة ..
ومن
ذلك ما رواه ابن حامد المجسم السلفي بلفظ (ولما أسري بي رأيت الرحمن تعالى
في صورة شاب أمرد له نور يتلألأ وقد نهيت عن وصفه لكم فسألت ربي أن يكرمني
برؤيته وإذا كأنه عروس حين كشف عن حجابه مستو على عرشه) وبين الحافظ
الجوزي أن هذا كذب قبيح .
ورفضت السيدة عائشة أيضاً مثل تلك الأحاديث ، وأيضاً في نفس صحيح البخاري(التي جاءت تلك الأحاديث منه!!) .. فقد روى البخاري
بسنده عن مسروق قال : قلت لعائشة رضي الله عنها (( يا أمتاه هل رأى محمد
ربه؟ فقالت (لقد قف شعري مما قلت .. أين أنت من ثلاث من حدثكهن فقد كذب ..
من حدثك أن محمد رأى ربه فقد كذب فقرأت (لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار
وهو اللطيف الخبير )(وما كان لبشر أن يكلمه الله إلى وحياً أو من وراء
حجاب)) ..
ونفى الرؤية أيضاً
كثير من كبار علماء السنة وعدّوها من الموضوعات والأكاذيب على النبي (ص) ،
ومنهم الذهبي في " ميزان الاعتدال " والسيوطي في " اللآلي المصنوعة في
الأحاديث الموضوعة " وسبط ابن الجوزي في " الموضوعات " فهؤلاء كلهم أثبتوا ـ
بأدلة ذكروها ـ كذب تلك الأخبار وعدم صحتها .
فمن
يعتقد برؤية الله سواء في الدنيا أو في الآخرة ، يلزم أن يعتقد بجسميته عز
وجل ، وبأنه محاط ومظروف ، ويلزم أن يكون مادة حتى يرى بالعين المجردة
وبذلك يوجد في مكان ويغيب في مكان آخر وينتقل من جهة إلى أخرى .
وهذا عندنا مرفوض ولا يليق بجلاله ..
فكان
ينبغي على من روى عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أن يتحرى
الصدق واتقاء الشبهات وتذكر قوله ( من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من
النار) صدق رسول الله ..
********************************************
ثانياًـ أدلة الذين ينفونالرؤية أقوى .
وذلك للآيات الواضحة الصريحة التي لا تحتمل التأويل مثل :
1ـ قوله تعالى ( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار) وهذه الآية لوحدها دليل صريح وقوي وواضح ، وهي لوحدها تكفي أمام كل ما وضع من اجتهادات وتأويلات وأحاديث ضعيفة .
2ـ وقد قال تعالى لموسى ( لن تراني ولكن انظر إلى الجبل )
، و كما يقول علماء اللغة العربية والنحو عن كلمة (لن) أنها تفيد مطلق
النفي واستمراريته ، كما أن هذا النفي لم يستثني الدنيا من الآخرة ، وإنما
في كل الأحوال .
3ـ ويستشهدون أيضاً بقوله تعالى ( وما كان لبشر أن يكلمه الله إلى وحياً أو من وراء حجاب ) وهذه الآية أيضاً صريحة وواضحة ولم تستثني إحدى الدارين دون الأخرى ، وإنما هي مطلقة تشمل كافة الأزمنة والأمكنة من الدنيا والآخرة ..
4ـ وقوله تعالى (ولا يحيطون به علما) فإذا رأيته علمت شكله وكيفيته ، وهذا منافي للآية الكريمة .
5ـ وكذلك الحديث الصحيح لعائشة كما تقدم .
وغيرهن الكثير من الآيات البينات الواضحات والأحاديث النبوية الشريفة في تنزيهه عز وجل عن هذا الإفتراء ..
6ـ كما أن العقل ينفي ذلك لأن من شروط الرؤية :
1ـ أن يكون هناك مسافة بين الرائي والمرئي ، وحاش لله أن يجرى عليه حكم المسافات ، فهي خلق من مخلوقاته .
2ـ أن ينعكس الضوء على الجسم المنظور ، وحاش لله أن يكون له صفة من صفات المخلوقين
3ـ أن يكون له جسم مادي يُرى ، وهذا أيضاً ليس من صفات الخالق .
4ـ
أن يشغل حيزاً من الفراغ ، وهذا أيضاً ليس من صفات الخالق ، وحاش لله أن
يتواجد في فراغ من خلقه أو أن يحتاج لذلك الفراغ ليتواجد فيه ..
5ـ
أن يكون هناك زمن للرؤية ، وحاش لله أن يدركه ويحيطه بصر ، أو زمن يبد
أفيه وينتهي فيه أو يحده مكان وأركان من خلقه ، فهو أجل من أن يرى وأسمى من
أن تدركه حواس مخلوقاته وتعالى الله عن ذلك علواً كبيرا، ليس عجزا منه أن
يرُى وينكشف على أحد ، وليس نقص فيه أن لا يرى ولكن لسمو قدره ورفعة مكانه
وجلالة ربوبيته ، ومشيئته وإرادته غير ذلك (وما تشاؤن إلى أن يشاء الله رب العالمين) فلا يجوز أن نتأول ونخترع ما نفاه الله عن نفسه.
6ـ إذا كان يُرى فهو جسم مادي ((موجود في مكان وغائب عن آخر)) ، وحاش لله أن يغيب ، بل هو موجود في كل مكان ..
فكل هذه صفات مادية من صفات المخلوقات لا تليق بجلالته سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيرا.
وأعتقد أن
سبب تلك الأخبار ناتجة عن النفس البشرية والفضول البشري الذي يتوق إلى
رؤية ما هو خفي وما يجهل عليه ، فقد أخترعت فرقة المجسمة حكاية الرؤية
لإشباع تلك الغريزة .. والله اعلم .
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire