الحركة الثانية
|
في تلك الساعة .. حيث تكون الروضة
فحل حمام
|
في جبل مهجور
|
وأضم جناحي الناريين على تلك
الأحذية السرية
|
واريح التفاح الوحشي
|
يعض كذئب ممتلىء باللذة
|
كنت اجوب الحزن البشري .. الأعمى
|
كالسرطان البحري
|
كأني في وجدي الأزلي
|
محيط يحلم آلاف الأعوام
|
ويرمي الأصداف على الساحل
|
كم اخجلني من نفسي هذا الهذيان
المسرف
|
بالوجع الأمي
|
كأني أتنبأ بذور اللذة مدت ألسنة
خضراء
|
وشفرات في رحم الكون
|
وأعطت جملا أبدية
|
مولاي لقد عاد حمام الجبل المهجور
|
يمارس عادته النهرية
|
هل تعرف عادته النهرية؟
|
أما أنت فأصحرت وعرفتك لا تنوي
الرجعة !!
|
أصحرت بلا أي علامات وبلا أي صور
|
وعرفتك لا تنوي الرجعة
|
فالقلب تعلم غربته .. وتعلم بالبرق
|
تعلم ألا ينضج كل النضج
|
فيسقط بالطعم الحلو .. و يسقط في
الطعم الحلو
|
وأرق وامتنع النوم علي لأبواق أزلية
|
عرف المفتاح الكامن في القفل
|
وما يربطه بالقفل الكامن بالمفتاح
|
فباحت كل الأشياء
|
وتضجر قلبي بالأنباء
|
يا هذا البدوي المسرف بالهجرات
|
لقد ثقل الداء
|
قتر ربقك لليل
|
فلابد لهذا الليل دليل
|
يعرف درب الآبار
|
ويقبع بالحذو الناقة بالصحراء
|
يا هذا البدوي تزود وأشرب ما شئت
|
فهذا آخر عهدك بالماء
|
من مخبر روحي أن تطفأ فانوس العشق
|
وتغلق هذا الشباك
|
فإن الليل تعرى كالطفل
|
وان مسافات خضراء احترقت في الوعي
|
فأوقدت ثقابا أزرقا
|
في تلك النيران الخضراء
|
لعل النار أرى
|
ولعل اللحظة تعرفني
|
من ذلك يأتي
|
بين عواء النفس و بين عواء الذئب
|
وبين غروب النخل يرافقني نصف الدرب
|
وبعد النصف يقول يرافقني
|
ناديت بكلتا أذني .. فأوقفت مجاهيل
الصحراء
|
وعيني في الطين
|
أعدل من قدمي الملوبة
|
و الأضواء افترستني
|
أمسكت على الطين لأعرف أين أنا
|
في آخر ساعات العمر
|
رفعت الطين الى الرب
|
بهذا الدين .. تقترب اليه
|
فأطرد عاطفتيه
|
وكانت قبضته تشتعل الآن بنيران
سوداء
|
وكان المطر الآن صباحا
|
وانطبقت كل الأبعاد
|
وصرت كأني صفر في الريح
|
وصلت الى باب النخل .. دخلت على
النخل
|
أعطتني احدى النخلات نسيجا عربيا
|
فعرفت بأن النخلة عرفتني
|
وعرفت بان النخلة في عربستان
أنتظرتني
|
قبل الله
|
لتسأل ان كان الزمن المغبر غيرها
|
قلت .. حزنت
|
فأطبق صمت وبكى النخل
|
وكانت سفن في آخر شط العرب
|
احتفلت بوصولي
|
ودعني النوتي وكان تنوخيا تتوجع فيه
اللكنة
|
قال الى أين الهجرة
|
فارتبك الخزرج .. و الأوس بقلبي
|
ومسحت التلقيط من الحبس
|
لئلا يقرأني الدرب
|
وسيطر قنطار وعاش الصبح
|
فجاء الله الى الحلم
|
وجاء حسين الأهوازي يفتش عن دعوته
|
جاء النخل .. وجاء التعذيب .. وجاءت
قدمي الملوية
|
جف الطين عليها
|
في البرد .. وزاغ الجرح
|
وطارت في عتمات القلب
|
فراشات حمراء .. و أشجار الحزبية
|
قد شحنت بالحزن و بالنار
|
نزلت الى ذاتي في بطء
|
آلمني الجرح .. مددت بساقي
|
خرجت قدمي كالرعب من الحلم
|
وكان الابهام هي عين عمياء
|
تشم برودة ماء (الكارون)
|
وهذا أول نهر عربي في قائمة
المصروفات
|
وشم الذئب الشاهنشاهي دمي
|
شم الذئب دمي .. سال لعاب الذئب على
قدمي .. ركضت
|
قدمي
|
ركض البستان
|
وكان الرب أصغر برعم ورد
|
ناديت عليه فذقت الكر كمركض الرب ..
الدرب .. النخل .. الطين
|
و أبواب صفيح تشبه حلم فقير
|
فتحت ووجدت فوانيس الفلاحين
|
تعين على الموت حصان يحتضر
|
عيناه تضيئان بضوء خافت فوق ألوف
الفلاحين
|
وتنطفآن وينشج
|
لو مات على اليح
|
وبين لفيف الضوء البري
|
لكان الشعب سيحتضر
|
غطى شعب الفلاحين فوانيس الليل
|
برايات تعبق بالثورات المنسية
|
فاستيقظت الخيل .. وروحي
|
كالدرع ائتلقت وعلى جسر البرق
|
صرخت الهي هؤلاء الفلاحين كم
انتظروا
|
علمهم ذاك حسين الأهوزي من القرن
الرابع للهجرة
|
علمهم علم الشعب على ضوء الظلمة
|
كان حسين الأهوازي بوجه لا يتقن الا
الجرعة
|
و النشوة بالأرض
|
وقال انتشروا فانتشروا
|
كسروا الأنهار كسورا مؤلمة برضاها
|
كسروا ساقيتين
|
أشاعوا الظلمة و الأرحال
|
وراء النخلة وانتشروا
|
لفوا جسدي بدثار زركش بالطير
|
أورثهم أياه حفاة الزنج
|
فقلت لهم لقد علمهم ذاك حسين
الأهوازي
|
عشية يوم في القرن الرابع للهجري
|
كيف نسينا التاريخ ؟
|
دخان .. أمل أطلق فلاح في أقصى
الحنطة نارا
|
فانقضت كل وطاويط الشاه هناك
|
وكانت قدمي الملوية قد تركت
|
بقع خضراء من الدم المخلص
|
واستجوبت الأشجار فلم ينطق حجر
|
كيف نسينا التاريخ ؟
|
وكيف نسينا المستقبل ؟
|
كان القرن الرابع للهجرة فلاحا
|
يطلق في أقصى الحنطة نارا
|
تلك شيوعية هذي الأرض
|
وكان الله معي يمسح عن قدمي الطين
فقلت له
|
اشهد اني من بعض شيوعية هذي الأرض
|
ودب بجسمي الخدر
|
وغفوت وكان الفلاحين يردون غطائي
فوقي
|
في العاشر من نيسان تفرد عشقي
|
أتقنت تعاليم الأهوازي
|
ووجدت النخلة .. والله .. وفلاحا
|
يفتح نار الثورة في حقل الفجر
|
تكامل عشقي
|
ما عدت أطيق تعاليم المخصيين
|
تفردت .. نشرت جناحي
|
في فجر حدوث
|
ووقفت أمام القرن الرابع للهجرة
|
تلميذا في الصف الأول
|
يحمل دفتره .. يفترش الأرض .. يعرف
كيف تكلم عيسى في المهد
|
فإن الثورة تحكي في المهد
|
ويسمع صوت السبل النارية تبدأ
بالخلق
|
اللهم ابتدئ التخريب الآن
|
فإن خرابا بالحق .. بناء بالحق
|
وهذا زمن لا يشبه إلا القرن الرابع
للهجرة
|
او ما سمي كفرا .. زندقة .. او أدرج
بالفتن
|
في طهران وقفت امام الغول
|
تناوبني بالسوط .. و بالأحذية
الضخمة عشرة جلادين
|
وكان كبير الجلادين له عينان
|
كبيتي نمل أبيض مطفأتين
|
وشعر خنازير ينبت من منخاريه
|
وفي شفتيه مخاط من كلمات كان يقطرها
في أذني
|
ويسألني:من أنت؟
|
خجلت أقول له :
|
"قاومت الإستعمار
فشردني وطني"
|
غامت عيناي من التعذيب
|
رأيت النخلة .. ذات النخلة
|
والنهر المتشدق بالله على الأهواز
|
وأصبح شط العرب الآن قريبا مني
|
والله كذلك كان هنا
|
واحتشد الفلاحون علي وبينهم كان
|
علي .. وأبو ذر .. والأهوازي ..
ولوممبا .. وجيفارا .. وماركس
|
لا أتذكر فالثوار لهم وجه واحد في
روحي
|
غامت عيناي من التعذيب
|
تشقق لحمي تحت السوط
|
فحط علي رأسي في حجريه
|
وقال : تحمل فتحملت
|
وجاء الشعب فقال : تحمل فتحملت
|
و النخلة قالت .. و الأنهر قالت
|
فتحملت وشق الجمع
|
وهبت نسمات لا أعرف كيف أفيق عليها
|
بين الغيبوبة والصحوة
|
تماوج وجه فلسطين
|
فهذي المتكبرة الثاكل
|
تحضر حين يعذب أي غريب
|
أسندني الصبر المعجز في عينيها
|
فنهضت .. وقفت أمام الجلاد
|
بصقت عليه من الأنف الى القدمين
|
فقدت رأسي ثانية بالأرض
|
وجيء بكرسيّ حفرت هوة رعب فيه
|
ومزقت الأثواب عليّ
|
ابتسم الجلاد كأن عناكب قد هربت
|
أمسكني من كتفي وقال
|
على هذا الكرسيّ خصينا بضع رفاق
|
فاعترف الآن
|
اعترف
|
اعترف
|
اعترف الآن
|
عرقت .. وأحسست بأوجاع في كل مكان
من جسدي
|
اعترف الآن
|
وأحسست بأوجاع في الحائط
|
أوجاع في الغابات وفي الأنهار ، وفي
الإنسان الأول
|
أنقذ مطلقك الكامن في الإنسان
|
توجهت الى المطلق في ثقة
|
كان أبوذرّ خلف زجاج الشباك المقفل
|
يزرع في شجاعته فرفضت
|
رفضت
|
وكانت أمي واقفة أمام الشعب
بصمت...فرفضت
|
إعترف الآن
|
إعترف الآن
|
رفضت
|
وأطبقت فمي ,
|
فالشعب أمانة
|
في عنق الثوؤي
|
رفضت
|
تقلص وجه الجلادين
|
وقالوا في صوت أجوف :
|
نترك الليلة...
|
راجع نفسك
|
أدركت اللعبة
|
في اليوم التاسع كفوا عن تعذيبي
|
تزعوا القيد فجاء اللحم مع القبد,
|
أرادوا أن أتعهد ,
|
أن لا أتسلل ثانية للأهوز
|
صعد النخل بقلبي...
|
صعدت إحدى النخلات ,
|
بعيدا أعلى من كل النخلات
|
تسند قلبي فوق السعف كغذق
|
من يصل القلب الآن!؟
|
قدمي في السجن
|
وقلبي بين عذوق النخل
|
وقلت بقلبي : إياك
|
فللشاعر ألف جواز في الشعر
|
ألف جواز أن ستسلل للأهواز
|
يا قلبي ! عشق الأرض جواز
|
وأبو ذر وحسين الأهوزي ,
|
وأمي والشيب من الدوران ورائي
|
من سجن الشاه إلى سجن الصحراء
|
إلى المنفى الربذي , جوازي
|
وهناك مسافة وعي ,
|
بين دخول الطبل على العمق
|
السمفوني
|
وبين خوج الطبل الساذج في الجاز
|
وقفت وكنت من اللّه قريبا
|